في رحاب مكتب تنسيق التعريب.. باحثون ولغويون يناقشون دور التعريب في تنمية الصناعة المعجمية
خصّص مكتب تنسيق التعريب بالرباط، يوم السبت 20 ديسمبر 2025، الحلقة السادسة من صالونه الثقافي لنقاش "دور التعريب في تنمية الصناعة المعجمية"، بمشاركة نخبة من العلماء والباحثين المتخصصين في قضايا اللغة العربية والترجمة.
وفي كلمته الافتتاحية، أكد سعادة مدير المكتب الأستاذ الدكتور مراد الريفي، أن موضوع الصالون يكتسي أهمية خاصة، مبرزًا أن التعريب، من منظور المكتب، لا يقتصر على نقل المفردات من لغة إلى أخرى، بل هو إحياء وتوسيع للنظام اللغوي العربي بما يجعله قادرًا على استيعاب متغيرات العصر ومفاهيمه الجديدة.
وأوضح سعادة المدير، أن المكتب يولي عناية فائقة لتوثيق المواد العلمية المقدمة في الصالون، وكذا رصد التوصيات الصادرة عن ضيوفه، ولا سيما ما يندرج ضمن مهامه وصلاحياته.
وأشار سعادة المدير، في السياق ذاته، إلى الإعلان الرسمي عن إطلاق الإطار المرجعي للغة العربية من طرف معالي الأستاذ الدكتور محمد ولد أعمر، المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو)، موضحًا أن إعداد هذا الإطار استغرق وقتًا وجهدًا علميًا معتبرين، معلنا أن الصالون سيخصص حلقة علمية في قادم الأيام لتسليط الضوء على المنجز العربي الهامّ.
من جانبه، قدّم الدكتور حسن بشير، الرئيس السابق لمجمع اللغة العربية بالسودان وعضو مجمعَي اللغة العربية بدمشق والقاهرة، مداخلة شدد فيها على ضرورة تعزيز حضور اللغة العربية في مختلف الميادين، داعيًا إلى تبني "توجه جماهيري يجعل من التعريب مطلبًا مجتمعيًا ملحًا".
وبيّن الدكتور بشير، أن تمكين التعريب من بلوغ غاياته يمرّ عبر جملة من القضايا، في مقدمتها: حصر الجهود التاريخية تمهيدًا لإعداد مشروع قومي للتعريب، وتوحيد المصطلحات، وتعزيز تعليم العربية لغير الناطقين بها، وتوطين العربية في التعليم والإعلام والنظم الحاسوبية، وتعزيز حضورها على الشابكة، إلى جانب إنشاء معاجم موضوعية مختصرة، وإرساء "حاكمية علمية لإجازة المعجم العربي".
وفي هذا الإطار أوصى الدكتور حسن بشير بإنشاء لجنة خاصة لدراسة توصيات وقرارات مؤتمرات التعريب، وجمع التجارب النوعية في الوطن العربي، لصياغة مقترح متكامل للمشروع القومي للتعريب، ومناقشته واعتماده على المستوى العربي، إضافة إلى طرح مشروع شهادة اللغة العربية الدولية بمستوييها: شهادة اللغة العربية الدولية العامة (ضاد 1) وشهادة اللغة العربية الدولية المتقدمة (ضاد 2).
أما الدكتور عبد الرحمن السليمان، عضو المجلس العلمي لمجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، فقد أكد في مداخلته أن الترجمة والتعريب هما أكسجين الحضارة، وأن الترجم والمعجم توأمان، مبرزا الترابط الوثيق بينهما.
ونبّه الدكتور السليمان إلى أن تقييس المصطلح يظل معيارًا حاسمًا ومهما في ميدان الترجمة والتعريب، مضيفا أن تداول المصطلحات المعربة في الحقول التعليمية والمهنية والصناعية والتأليفية ما يزال دون المستوى المأمول.
وقد شهد اللقاء نقاشًا علميًا ثريًا، بمشاركة دكاترة وباحثين من السودان وسوريا والمغرب ومصر وموريتانيا، وقد خلصت المداخلات إلى التأكيد على أن تنمية الصناعة المعجمية تمثل ركيزة أساسية لنجاح مشاريع التعريب، وأن الاستثمار فيها هو استثمار في مستقبل اللغة العربية وحضورها العلمي والحضاري.